الصحراء المغربية: 50 عاماً من الملحمة الوطنية… كيف رسخت المسيرة الخضراء السيادة ومهدت للحكم الذاتي؟

تعتبر قضية الصحراء المغربية الملف الأبرز في تاريخ المملكة، وهي قصة وطن يمتد في عمقه من الشمال إلى الجنوب. يمثل السادس من نونبر من كل سنة محطة خالدة، ليس فقط كتاريخ لانتهاء الاستعمار، بل كنقطة انطلاق لملحمة وطنية سلمية تُعرف بـ المسيرة الخضراء، التي رسخت السيادة المغربية على أراضيها الجنوبية. ولكن ما هي التطورات التي نقلت القضية من إطار التحرير إلى آفاق الحل السياسي الدائم والواقعي، المتمثل في مقترح الحكم الذاتي؟
1. 🕊️ المسيرة الخضراء: رمز النضال السلمي والوحدة
في عام 1975، شهد العالم حدثاً فريداً من نوعه: 350 ألف مغربي ومغربية انطلقوا نحو الصحراء المغربية حاملين القرآن والأعلام، استجابة لنداء الملك الراحل الحسن الثاني. هذه المسيرة كانت بمثابة ثورة سلمية، أنهت الوجود الإسباني وأكدت بشكل قاطع الروابط التاريخية والبيعة المتجذرة بين العرش والشعب. لقد كانت المسيرة الخضراء هي الأساس الذي بنيت عليه عودة الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن.
2. 📈 التنمية في الأقاليم الجنوبية: ترسيخ الوحدة بالإنجاز
منذ استرجاعها، لم يكتفِ المغرب بترسيخ سيادته السياسية، بل انخرط في برنامج تنموي ضخم وغير مسبوق في المنطقة. مشاريع البنية التحتية، الاستثمارات الكبرى في الطاقة المتجددة (كالطاقة الشمسية والريحية)، ودعم القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، كلها جهود تهدف إلى تحويل الصحراء المغربية إلى قطب اقتصادي إقليمي، مما يثبت أن السيادة تتجسد في التنمية المستدامة ورفاهية السكان.
3. 💡 الحكم الذاتي: المبادرة الجادة والواقعية لحل النزاع
في عام 2007، قدم المغرب إلى الأمم المتحدة مبادرته التاريخية المتعلقة بـ الحكم الذاتي في الصحراء، تحت السيادة المغربية. تهدف هذه الخطة إلى منح سكان المنطقة صلاحيات واسعة لإدارة شؤونهم المحلية عبر هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية منتخبة، مع احتفاظ الدولة المغربية باختصاصات السيادة (الدفاع، الأمن، العلاقات الخارجية، والعملة).
نقطة مهمة: تحظى مبادرة الحكم الذاتي بإشادة دولية واسعة، وتعتبرها العديد من القوى العظمى الإطار الجدي والواقعي والوحيد لحل قضية الصحراء المغربية، بما يضمن الاستقرار الإقليمي.
4. 🛣️ من المسيرة إلى الحكم الذاتي: طريق المستقبل
الانتقال من الفعل التاريخي للمسيرة الخضراء إلى المقترح السياسي لـ الحكم الذاتي يعكس تطوراً في المقاربة المغربية: من استرجاع الأرض إلى بناء مشروع مجتمعي متكامل. هذه الرؤية الملكية تؤكد على أن الحل يكمن في إشراك السكان المحليين في تدبير شؤونهم، في إطار الوحدة الترابية للمملكة. المغرب الموحد من طنجة إلى الكويرة هو الهدف الأسمى.
تظل الصحراء المغربية في صلب الأولوية الوطنية، ويشكل التوافق الدولي المتزايد حول جدية وواقعية مقترح الحكم الذاتي دليلاً على أن المغرب يسير بثبات نحو الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل. إنها قصة صمود، وتنمية، وإرادة لتوحيد الصفوف وبناء مستقبل مزدهر للأقاليم الجنوبية.
				


