عظماء المغرب: يعقوب المنصور المريني السلطان المغربي الذي أهان ملك قشتالة

تمغربيت: تاريخ عريق وبطولات خالدة
تزخر المملكة المغربية الشريفة بتاريخ مجيد وحافل بالحروب والمعارك الضارية، وهذا ليس بغريب بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي الفريد كبوابة تربط أوروبا وإفريقيا. هذا الموقع الحيوي جعل المغرب على مر العصور محط أطماع، ولكنه أيضًا صقل طبيعة الإنسان المغربي ليصبح فارسًا مقدامًا وشجاعًا لا يُشق له غبار. لقد أثبت الفارس المغربي قوته وهيبته في ميادين الوغى، سطر بمداد من ذهب ملاحم عسكرية لا تُنسى.
الفارس المغربي كان له صولات وجولات في ساحات القتال، حيث بنى حضارة ومجدًا فريدين. لقد حافظ على جوهر “تمغربيت”، تلك الهوية العميقة التي تعود لأكثر من اثني عشر قرنًا، والتي صمدت أمام عوامل الضياع والاندثار. هذه التراكمات التاريخية ساهمت في صناعة فرسان وأبطال خلدوا ملاحم بطولية فاقت المنطق والتحليل. سنحاول في هذه السطور كشف مصدر قوة الفارس المغربي، مع الأخذ في الاعتبار أن التفوق العددي لم يكن أبدًا عاملًا حاسمًا في معاركنا التاريخية؛ فغالبًا ما كانت جيوشنا أقل بكثير من جيوش الخصوم.
بطش الفارس المغربي في ميادين النصر
لعل أبرز الأمثلة على ذلك معركة وادي لكة الأسطورية، حيث فتح البطل المغربي طارق بن زياد بلاد الأندلس بجيش قوامه 12 ألف جندي مغربي فقط، في مواجهة أكثر من 30 ألف جندي قوطي. ولا تقل أهمية معركة بقدورة التي انتصر فيها الفارس المغربي على نخبة فرسان الشام، الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للدولة الأموية آنذاك. زحف الأمويون إلى المغرب بجيوش فاقت 30 ألف جندي وفقًا للمصادر التاريخية، لكننا انتصرنا عليهم مرتين: الأولى لاستعادة الكرامة، والثانية لطرد الأمويين دون رجعة، في هزيمة قاسية قضت على أركان دولتهم وساهمت في انهيارها.
كما لا يمكن إغفال معركة المرينيين ضد دون نونيو دي لارا وجيوش قشتالة. كان هذا القائد الأوروبي المسيحي مصدر فخر لجيوش القارة، لكن المغرب أذاقه الذل والهوان وألحق بهم هزيمة نكراء. بعض المصادر التاريخية تشير إلى أن جيوش قشتالة كانت تفوق 90 ألف مقاتل.
وصولًا إلى معركة وادي اللبن ضد العثمانيين، حيث حقق المغاربة نصرًا حاسمًا على الجيوش الإنكشارية الجرارة في أوج قوتها وتألقها. كانت هيبة اسم الإنكشارية وحدها كفيلة بمنح النصر للترك قبل دخول ساحة المعركة، لكن المغاربة قلبوا الموازين.
أما معركة وادي المخازن، فقد تجاوز صداها المشرق، حيث دفن المغاربة حلم سيباستيان، ملك البرتغال، في تنصير شمال إفريقيا. لم يكن لهذا النصر أن يكتمل لولا تلاحم المغاربة ووحدتهم خلف ملكهم. التاريخ مليء بالدروس والحكم، وهو منجم غني بالمفاتيح الذهبية لحل مشاكل حاضرنا. دراسة تاريخ المغرب تقدم لنا حلولًا واقعية لتحديات اليوم.
المعارك تصنع الرجال: نصيحة الحسن الثاني الخالدة
لقد ساهمت انتصاراتنا المتتالية في بناء هيبة الإنسان المغربي، فكانت جيوشنا يُحسب لها ألف حساب. إن قوة وشراسة الفارس المغربي في ميدان المعركة كانت نابعة من حبه العميق لوطنه، وغيرته على عرضه وهويته. وهنا يجب أن نستلهم العبرة، وأن نستحضر كلمات المغفور له الملك الحسن الثاني: “إوا أسيدي لمغاربة اليوم، مغاديش يكونوا أقل من مغاربة ديال لبارح، ولكن إذا كان هاد الشعب المغربي أقل وطنية وأقل غيرة من آبائه وأجداده، ومن الناس اللي عرفتهم، واللي هما من الجيل ديالي، أنا تنقوله حذاري حذاري راه ما تنعطيكشي أكثر من 5 سنين، حتى ترجع مقلص الظل، ضعيف الكلمة، وضعيف الوزن.”
أجدادنا، رحمهم الله، كانت أرواحهم فداء للوطن، أرخص من ترابه. جهادنا اليوم أسهل بكثير من جهادهم بالأمس، وهو لا يتطلب منا سوى روح وطنية عالية وتلاحم أكبر للحفاظ على كياننا، وكسب مناعة أقوى ضد التيارات التي قد تعصف بهوية “تمغربيت”.