رياضة

الملحمة الإفريقية بالمغرب: “كان 2025” والريادة القارية في لم شمل الشعوب

5
(1)

حين تنبض القارة في قلب “مراكش” و”طنجة”

لم تعد كرة القدم مجرد لعبة تُمارس داخل مستطيل أخضر يمتد لـ 100 متر، بل تحولت إلى أداة جيوسياسية، وقوة ناعمة، ومحرك اقتصادي جبار. وفي عام 2025، يتهيأ المغرب لاستقبال “كأس أمم إفريقيا” (AFCON 2025) في سياق تاريخي استثنائي. هذه النسخة ليست كغيرها؛ فهي تأتي والمملكة المغربية تقف على أعتاب تنظيم مونديال 2030، مما يجعل من “الكان” بروفة عالمية واحتفالية إفريقية بامتياز.

لكن الأهم من العشب والمدرجات هو ذلك “النبض الإفريقي” الذي يوحد الجاليات. في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا الحدث، مستعرضين كيف سيتحول المغرب إلى “عاصمة للقارة” ومختبر للوحدة الإفريقية الحقيقية.


العمق السوسيو-ثقافي.. الجاليات الإفريقية كجسر للاندماج

المغرب اليوم ليس مجرد بلد مستضيف، بل هو موطن لمئات الآلاف من الأفارقة من جنوب الصحراء (طلبة، رواد أعمال، وفنانين).

1. منصة للانصهار الثقافي

في “كان 2025″، ستتحول المدن المغربية إلى فسيفساء بشرية. الجاليات السنغالية، النيجيرية، الإيفوارية، والغينية المقيمة في المغرب ستلعب دور “السفير الداخلي”. سنرى في أسواق “درب السلطان” بالدار البيضاء أو “باب دكالة” بمراكش احتفالات عفوية تمزج بين “الدقة المراكشية” وإيقاعات “المبلاك” السنغالية.

2. الرياضة كأداة لمناهضة التمييز

تساهم هذه البطولة في تعزيز قيم التسامح. إن رؤية المواطن المغربي يشجع منتخباً إفريقياً شقيقاً عند خروج منتخبه، أو استضافة العائلات المغربية للمشجعين القادمين من عمق القارة، يعزز مفهوم “تمغربيت” المنفتحة على جذورها الإفريقية.


“الثورة الهيكلية”.. ملاعب بمواصفات “المونديال”

المغرب لا يقدم ملاعب عادية، بل يقدم “تحفاً معمارية” ستجعل من كان 2025 النسخة الأكثر تطوراً تقنياً.

1. المجمعات الرياضية الكبرى

  • ملعب الرباط (المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله): الذي خضع لعملية هدم وإعادة بناء شاملة ليصبح ملعباً مغطى بالكامل، بدون مضمار سباق، مما يجعل الجمهور قريباً من اللاعبين على الطراز الإنجليزي.
  • ملعب طنجة الكبير (ابن بطوطة): بسعته التي ستتجاوز 75 ألف متفرج، ليكون أحد أكبر الملاعب في إفريقيا والمتوسط.
  • ملعب الدار البيضاء الكبير (ببنسليمان): الذي يطمح المغرب لجعله الأكبر عالمياً، حيث بدأت الأشغال التحضيرية ليكون جوهرة تاج منشآت 2030، وسيكون حاضراً كرمز في 2025.

2. التكنولوجيا والخدمات

ستشهد النسخة لأول مرة تطبيق تقنيات متطورة في البث التلفزيوني (4K)، واستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الحشود وتذاكر المباريات، مما يسهل على الجاليات الإفريقية الوصول للملاعب بيسر وسلاسة.


“الكان” كقاطرة للتنمية الاقتصادية والسياحية

السياحة الرياضية هي النفط الجديد للمغرب. من المتوقع أن تجذب البطولة أكثر من 1.5 مليون زائر إضافي.

1. سياحة “الأشقاء”

المغرب يراهن على السياحة البينية الإفريقية. بفضل سياسة الإعفاء من التأشيرة لبعض الدول والربط الجوي القوي عبر “الخطوط الملكية المغربية”، سيتمكن المشجع من “أبيدجان” أو “داكار” من الوصول للرباط في ساعات قليلة.

2. انتعاش المهن الصغرى

من المطاعم التي ستقدم “أرز جوليوف” بجانب “الكسكس”، إلى الفنادق ودور الضيافة (Riad)، ستنتعش الدورة الاقتصادية المحلية، مما يوفر فرص عمل لآلاف الشباب والمهاجرين المقيمين.


الأبعاد السياسية والدبلوماسية الرياضية

تكرس هذه البطولة رؤية الملك محمد السادس لـ “التعاون جنوب-جنوب”.

1. الريادة الإفريقية للمغرب

المغرب لا يستضيف البطولة لاستعراض العضلات، بل ليقول: “نحن هنا من أجل إفريقيا”. تقديم الخبرة المغربية في التنظيم، والأمن الرياضي، والطب الرياضي للمنتخبات الشقيقة هو جزء من هذه الدبلوماسية.

2. الوحدة تحت راية الـ “كاف”

تأتي البطولة لتعيد الوهج للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، ولتثبت أن القارة قادرة على تنظيم تظاهرات تضاهي “اليورو” أو “كوبا أمريكا”، مما يعزز من وزن إفريقيا في الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA).


التحديات اللوجستية والأمنية

لا يمكن كتابة 2500 كلمة دون التطرق للتحديات. المغرب يواجه تحدي النقل الحضري والضغط على الفنادق.

  • الحل المغربي: توسيع شبكة “ترامواي”، تعزيز أسطول الحافلات الكهربائية، وتفعيل خطوط السكك الحديدية الجهوية لضمان تنقل المشجعين بين المدن (الرباط، الدار البيضاء، طنجة، مراكش، فاس، أكادير) بكل راحة.

حلم قارة يبدأ من المغرب

إن “كان 2025” ليست مجرد 52 مباراة في كرة القدم، بل هي تمرين جماعي على الحب، الانتماء، والاعتزاز بالهوية السمراء. المغرب في 2025 سيكون المرآة التي يرى فيها كل إفريقي نفسه قوياً، منظماً، ومتطلعاً للمستقبل.

المجلة العربية.

ما مدى فائدة هذه المنشور؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط التقييم 5 / 5. عدد الأصوات: 1

لا يوجد تصويت حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى