المغاربة هم من فتحوا واستوطنوا الأندلس

في عام 92 هـ/711 م، انطلقت طلائع الجيوش الإسلامية من شمال أفريقيا، وعلى رأسها قادة مغاربة أمازيغ، نحو شبه الجزيرة الإيبيرية. كان طارق بن زياد، القائد الأمازيغي الشجاع، رمزًا لهذه الفتوحات المباركة التي غيّرت وجه التاريخ.
لم يكن الفتح مجرد عبور عابر، بل كان بداية لاستيطان حضاري فريد. توافد المغاربة بأعداد كبيرة على الأندلس، حاملين معهم علومهم، فنونهم، عمارتهم، ولغتهم. انصهروا مع السكان المحليين ليُشكلوا نسيجًا اجتماعيًا وثقافيًا متميزًا، أثمر حضارة الأندلس الإسلامية الزاهرة التي استمرت لقرون.
شهدت الأندلس في ظل الحكم الإسلامي، الذي كان للمغاربة فيه دور محوري، عصراً ذهبياً في شتى المجالات. ازدهرت المدن كقرطبة وإشبيلية وغرناطة، وأصبحت مراكز علمية وثقافية عالمية. نبغ العلماء والأدباء والفلاسفة، وتطورت العلوم والطب والفلك والرياضيات، تاركين بصمات لا تُمحى في تاريخ البشرية.
المآثر العمرانية الشامخة في الأندلس، مثل قصر الحمراء ومسجد قرطبة الكبير، خير شاهد على إبداع المغاربة وفنونهم المعمارية الراقية. اللغة العربية، التي حملها المغاربة معهم، أصبحت لغة العلم والأدب والإدارة في الأندلس لقرون طويلة، وأثرت بشكل كبير في اللغات الرومانسية.
إن مساهمة المغاربة في فتح واستيطان الأندلس حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها. لقد كانوا بناة حضارة، ورواد علم وفن، وتركوا إرثًا عظيمًا ما زال يُلهمنا حتى اليوم. فلنحتفِ بهذه الحقبة المضيئة من تاريخنا المشترك، ولنُعليَ ذكرى أجدادنا الذين سطروا أمجادًا لا تُنسى في صفحات التاريخ.