السعودية تستبدل كسوة الكعبة المشرفة مع إشراقة العام الهجري الجديد 1447

مع إطلالة غرة شهر محرم للعام الهجري الجديد 1447، وفي مشهد إيماني مهيب يترقبه المسلمون حول العالم، قامت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، جريًا على العادة السنوية، باستبدال كسوة الكعبة المشرفة بثوبها الجديد الذي صنعته أيادٍ سعودية ماهرة في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة.
وتمت مراسم استبدال الكسوة القديمة بالجديدة في جو من الروحانية والخشوع، حيث قام فريق من المختصين والفنيين بإنزال الثوب القديم وتركيب الثوب الجديد الذي يزن حوالي 850 كيلوجرامًا من الحرير الخام المصبوغ باللون الأسود، ومزخرف بآيات قرآنية كريمة نسجت بخيوط من الذهب والفضة تزن 120 كيلوجرامًا.
كسوة الكعبة: تاريخ من التشريف والعناية
يعود تاريخ كسوة الكعبة إلى ما قبل الإسلام، حيث كانت تكسى في الجاهلية، ويعتبر الملك تُبَّع اليماني أول من كساها كسوة كاملة. ومع بزوغ فجر الإسلام، استمر هذا الشرف العظيم، حيث كساها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالثياب اليمانية بعد فتح مكة، واستمر الخلفاء الراشدون من بعده على هذا النهج، تعظيمًا لبيت الله الحرام.
وعلى مر العصور، تنافست الدول الإسلامية على نيل شرف صناعة وإهداء كسوة الكعبة، إلى أن أسس الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – دارًا خاصة لصناعة الكسوة في مكة المكرمة عام 1346هـ، لتتولى المملكة العربية السعودية منذ ذلك الحين هذا الشرف العظيم، وتطوره باستخدام أحدث التقنيات وأجود المواد مع الحفاظ على الأصالة والزخرفة الإسلامية الفريدة.
حلة قشيبة بأيدٍ سعودية ماهرة
تُصنع كسوة الكعبة المشرفة في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة، الذي يضم أقسامًا مختلفة للنسيج الآلي واليدوي، والطباعة، والتطريز، وخياطة وتجميع الكسوة. وتمر صناعة الثوب الجديد بمراحل متعددة ودقيقة، تبدأ من صباغة الحرير باللون الأسود، ثم نسجه آليًا بنقوش إسلامية وزخارف “لا إله إلا الله محمد رسول الله” و “سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم” و “يا حنان يا منان”.
يلي ذلك مرحلة تطريز الآيات القرآنية والأحزمة التي تزين الجزء العلوي من الكسوة بخيوط الفضة المطلية بالذهب، وهي العملية التي تتطلب دقة ومهارة فائقتين. وأخيرًا، يتم تجميع أجزاء الكسوة لتكون حلة متكاملة تليق بقدسية الكعبة المشرفة.
إن استبدال كسوة الكعبة المشرفة مع مطلع كل عام هجري جديد ليس مجرد تقليد سنوي، بل هو رمز للاهتمام البالغ الذي توليه المملكة العربية السعودية للحرمين الشريفين، وتجسيد حي لمشاعر الحب والتعظيم التي يكنها المسلمون لقبلتهم وقلب عالمهم النابض بالإيمان.