أحمد أعراب ابن مدينة طنجة.. رائد عالمي في تخصص “علم الحيوان عند العرب”

يُعتبر الدكتور أحمد أعراب، ابن مدينة طنجة، شخصية فريدة ورائدة عالمياً في مجال “علم الحيوان عند العرب”. فقد كان سبّاقاً في تسليط الضوء على الإسهامات العلمية القيمة للعلماء العرب القدماء في هذا المجال، والتي طالما تم تجاهلها أو عدم الاطلاع عليها.
تأسيس تخصص فريد من نوعه
شغف الدكتور أعراب بهذا التخصص قاده إلى تأسيس أول وحدة للبحث والتكوين في الدكتوراه بجامعة عبد المالك السعدي، تحت اسم “وحدة البحث والتكوين في الدكتوراه في تاريخ العلوم عند العرب والأفكار العلمية”. وقد تخرج من هذه الوحدة نخبة من الدكاترة الذين حملوا مشعل هذا العلم النادر.
اكتشافات رائدة ومساهمات علمية
كان نقطة التحول في مسيرة الدكتور أعراب في أواخر الثمانينيات، عندما وقع بين يديه كتاب “الحيوان” للجاحظ أثناء تحضيره للدكتوراه في علم سلوك الحيوان بجامعة باريس. فوجد فيه حقائق علمية ثمينة لم تُكتشف إلا في القرنين التاسع عشر وما بعده.
قرر أعراب ترجمة المقاطع ذات الدلالات العلمية المرتبطة بالاكتشافات الحديثة في علم الحيوان (Zoologie)، والتي تُنسب لعلماء غربيين، بينما كان الجاحظ هو السبّاق إليها حسب قراءاته وملاحظاته. هذا ما دفعه للغوص أعمق في تخصص “علم الحيوان عند العرب”، حيث حصل بعد عودته إلى المغرب على دكتوراه حول “كتاب الحيوان على ضوء العلم الحديث” من جامعة عبد المالك السعدي.
تصحيح مغالطات تاريخية
يرى الدكتور أعراب أن “علوم الأحياء، وخاصة علوم الحيوان، ظلت مبعدة عن دراسات الباحثين المهتمين بتاريخ العلوم عند العرب”، وأن كتب تاريخ علوم الأحياء لا تذكر إسهامات العرب في علم الحيوان في القرون الوسطى. ويؤكد أن ما تركه علماء مثل القزويني والأصمعي والجاحظ يستحق إعادة الدراسة عالمياً لما يحمله من معلومات علمية مبهرة ومفصلة.
ويشير أعراب إلى أن الجاحظ، على سبيل المثال، “اكتشف أن للإبل 40 صوتاً، وكل صوت منها يعبر عن حالة معينة أو رغبة لهذا الحيوان”. كما أن الأصمعي كان أول من نبه إلى ما يعرف حالياً بـ”Ethnoscience” من خلال دراسة تعامل البدو مع الحيوان.
عبقرية الجاحظ وإسهاماته
يوضح الدكتور أعراب أن الجاحظ “لم يكن مجرد جامِع بسيط لما توصل إليه السابقون، بل كان ناقداً لبعض من كان يعتبرهم علماء عصره فوق النقد، ومن هؤلاء أرسطو”. بل أضاف الجاحظ ملاحظاته الخاصة وقدم آراءً توافقت مع تلك التي توصل إليها علماء القرن العشرين.
ويؤكد أعراب أن الجاحظ “حسّن وطوّر فروعاً من علم الحيوان وأوجد فروعاً”، مما أعطى لعلم الحيوان عنده هوية خاصة وأصالة عميقة. لذا، ينبغي تقدير مساهمة الجاحظ في مجالي الإيكولوجيا والإيثولوجيا.
ويختتم الدكتور أحمد أعراب حديثه بالتشديد على أن “أي موازنة بين ما توصل إليه الجاحظ وما توصلت إليه العلوم الحديثة تعدّ موازنة ظالمة”. ويدعو الدوائر العلمية إلى اعتبار الجاحظ ضمن علماء الطبيعة الذين ساهموا في تطوير العلوم الحيوانية، وضمن كبار أعلام علم الحيوان.